طفل الشراردة بين براثن العنف والصمت:جريمة تهز القيروان و تكشف هشاشة الحماية
- Amira AZIZI
- 3 août
- 3 min de lecture

في قلب منطقة الشراردة التابعة لولاية القيروان، وقعت جريمة صادمة هزت وجدان المجتمع التونسي، حين تعرض طفل يبلغ من العمر 16 سنة إلى اعتداء وحشي، تم فيه تجريده من ملابسه، تقييده، وتصويره عاريا تحت التهديد بنشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.
جريمة موثقة بالصورة والصمت
الواقعة تعود إلى أوائل شهر جوان، حين استُدرج الطفل من طرف شخصين من أبناء حيه، لا تربطه بهما أي خلافات سابقة. ما حدث بعدها تجاوز حدود الفهم: اعتداء جسدي ونفسي موثق بكاميرا الهاتف، وتحول الفيديو إلى أداة ابتزاز وصمت.
لكن ما لم يُكشف سابقا يزيد من فظاعة الجريمة: فقد تم استدراج الطفل إلى مبنى مهجور وسط حقل، حيث تم تعنيفه بوحشية. ولولا مرور سيارة بالصدفة، ما أثار خوف الجناة ودفعهم إلى الفرار، لكان من الممكن أن يُقتل الطفل ويُرمى في البئر الموجود في ذات الحقل. هذه التفاصيل المروعة مدتنا بها الأم في تصريح خاص لـ"المغاربية للتحقيق"، مؤكدة أن نية المعتدين لم تكن فقط الإذلال، بل ربما التصفية الجسدية.
الطفل، الذي التزم الصمت خوفا وصدمة، بدأ يظهر تغيرات سلوكية مقلقة. حسب شهادة والدته، أصبح عصبيا، يعاني من اضطرابات النوم، وتراوده كوابيس ليلية. لم تكن الأم تعلم أن ابنها يعيش تحت وطأة تهديد يومي، إلى أن وصلها الخبر من أحد معارفها: فيديو عبر تطبيق "مسنجر" يُظهر ابنها في وضع مهين، يتعرض للتعنيف من طرف المعتديين.
أدلة مهملة ومسرح جريمة منسي
في محاولة لفهم ما جرى، انتقلت الأم بنفسها إلى مكان الاعتداء، وهناك وجدت اللصاق الذي تم استخدامه لتقييد ابنها، ما يزال ملقى في المكان. هذه التفاصيل الدقيقة مدتنا بها الأم في تصريح خاص لـ"المغاربية للتحقيق"، مؤكدة أن آثار الجريمة ما تزال شاهدة على ما حدث، دون أن تُحرك الجهات المختصة ساكنا.
هذا الاكتشاف يطرح سؤالا صارخا: لماذا لم تتحرك الشرطة الفنية لمعاينة مسرح الجريمة ورفع الأدلة والبصمات؟ كيف يمكن أن تُترك آثار الجريمة دون أي إجراء تقني أو تحقيق ميداني؟
غياب التدخل الفني يعكس خللا خطيرا في التعامل مع قضايا العنف ضد الأطفال، ويزيد من شعور الضحية وأسرته بأن العدالة غائبة، أو أنها تُمارس بانتقائية.
بين الإجراءات البطيئة والمعتدين الطلقاء
تحركت الأم فورا، وتقدمت بشكاية إلى وكيل الجمهورية، كما أشعرت مندوبية حماية الطفولة بالقيروان. تم توجيهها إلى فرقة الأبحاث المختصة بالعنف ضد المرأة والطفل ببوحجلة، لكن رغم مرور أسابيع، لم يصدر أي إجراء قضائي، وبقي المعتديان في حالة سراح، يتجولان بحرية في الحي، بينما الضحية يعيش عزلة نفسية خانقة، لا يغادر منزله، ويكاد يختنق من الخوف والعار.
وفي تصريح مؤلم لـ"المغاربية للتحقيق"، قالت الأم:
"حق ولدي ضاع لأنه يتيم، وما عندوش سند واللي عنفوه أولاد ناس نافذين، أصحاب مال ونفوذ، ما يقدر عليهم حد."
هذا التصريح يكشف عن شعور عميق بالظلم، ويطرح تساؤلات خطيرة حول مدى تأثير العلاقات والنفوذ في تعطيل العدالة، خاصة حين يكون الضحية من الفئات الهشة.
تضامن مدني وتدخل وزاري
بعد انتشار الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي، تحركت موجة تضامن واسعة. تطوع عدد من المحامين للدفاع عن الطفل، وتقديم الإحاطة النفسية والقانونية له. كما تواصلت مندوبية حماية الطفولة، مع والدة الطفل، وتم تحديد موعد للقاء يوم الإثنين، في خطوة أولى نحو إعادة الاعتبار للضحية و الإحاطة به نفسيا ومحاسبة الجناة.
صرخة مجتمع: لا لثقافة الإفلات من العقاب
هذه الحادثة ليست مجرد جريمة فردية، بل مرآة تعكس هشاشة منظومة حماية الطفولة، وتباطؤ الإجراءات القضائية في قضايا العنف الجنسي والنفسي. إن صمت المؤسسات أمام جريمة موثقة بالصوت والصورة، يطرح أسئلة حارقة حول جدية الدولة في حماية أطفالها، ومحاسبة المعتدين.
الطفل الضحية لا يحتاج فقط إلى محاكمة عادلة، بل إلى احتضان مجتمعي، دعم نفسي، وإعادة بناء ثقته في العالم من حوله. أما المعتدون، فلا بد أن يواجهوا العدالة، لا أن يتجولوا في الحي وكأن شيئا لم يكن.
أميرة عزيزي-Amira AZIZI