حين يتحول الفسفاط إلى خطر يومي
- EMIRA azizi
- 12 sept.
- 2 min de lecture

في مساء الخميس 11 سبتمبر 2025، تحوّلت مدينة المظيلة إلى مسرح لحالة طوارئ بيئية، بعد تسجيل حالات اختناق جماعية نتيجة انبعاثات غازية سامة من وحدات الإنتاج التابعة للمجمع الكيميائي التونسي. تم نقل 12 مصابا إلى المستشفى المحلي، وسط استياء شعبي متصاعد ومطالبات بمحاسبة المسؤولين.
الحادثة غيمة بلا إنذار
وفقا لشهادات محلية، تسربت الغازات من وحدة "المظيلة 1" التابعة للمجمع الكيميائي، دون أي تحذير مسبق. السكان فوجئوا بضيق تنفس، سعال حاد، وفقدان للوعي في بعض الحالات.
"كنت في طريقي إلى السوق، وفجأة شعرت بضيق شديد في التنفس. رأيت أطفالا يسعلون بشدة، وبعضهم فقد وعيه."
سعاد، 42 سنة، من سكان حي النور
"المصنع يشتغل دون رقابة. كلما زادت حرارة الجو، زادت الانبعاثات. نحن نعيش وسط غيمة سامة."
عبد الحميد، ناشط بيئي محلي
أرقام مقلقة
عدد حالات الاختناق: 17 حالة مؤكدة (حسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، 12 سبتمبر 2025)
- عدد وحدات الإنتاج في المظيلة: وحدتان رئيسيتان
- نسبة التلوث الهوائي في قفصة (2024): تتجاوز 3 مرات الحد المسموح به دوليا
- عدد الحوادث البيئية المبلغ عنها في قفصة خلال 2024: أكثر من 18 حادثة
المغاربية للتحقيق سبق أن دقّت ناقوس الخطر
في تحقيق حديث، تم التطرق إلى حادثة مشابهة في مدينة غنوش بولاية قابس، حيث سجلت أكثر من 25 حالة اختناق بسبب انبعاثات من المجمع الكيميائي المحلي. التحقيق كشف عن غياب الرقابة البيئية، وشبهة تواطؤ إداري في التستر على نسب التلوث، ما يعكس نمطا متكررا من الإهمال المؤسسي في مناطق إنتاج الفسفاط.
القانون بين النصوص والواقع
رغم أن مجلة البيئة التونسية تنص على مبدأ "العهدة على الملوّث"، الذي يُلزم المؤسسات الصناعية بتحمّل المسؤولية القانونية والمالية عن الأضرار البيئية، إلا أن التطبيق العملي يظل هشا. الفصل 17 من المجلة يتيح للمواطنين اللجوء إلى القضاء، لكن ضعف الإمكانيات الفنية والضغط السياسي يفرغان النصوص من فعاليتها.
"الوكالة الوطنية لحماية المحيط لا تزال تُسيّر بقوانين تعود إلى سنة 1992، وهي غير قادرة على مواجهة التحديات البيئية الحالية."
بيئي وقانوني
- بيئيا: غياب أنظمة إنذار مبكر، وعدم إجراء دراسات تأثير بيئي دورية
- قانونيا: ضعف تفعيل آلية "الصلح البيئي"، وتراخي في تطبيق العقوبات الزجرية
مطالب المجتمع المدني
- فتح تحقيق مستقل بإشراف خبراء بيئيين وقانونيين
- إلزام المجمع الكيميائي بنشر تقارير انبعاثات شهرية
- تفعيل الشرطة البيئية وتوسيع صلاحياتها
- تعويض المتضررين وفقًا لمبدأ العدالة البيئية.
هياكل مستنكرة وبيانات صادرة
أثارت الحادثة موجة استنكار واسعة من قبل منظمات بيئية وحقوقية، أبرزها:
- المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (FTDES): أصدر بيانا بتاريخ 12 سبتمبر 2025 وصف فيه الحادثة بأنها "انتهاك صارخ للحق في بيئة سليمة"، وطالب بفتح تحقيق مستقل ونشر نتائجه للعموم.
- جمعية حماية البيئة بقفصة: دعت إلى تنظيم وقفة احتجاجية يوم 14 سبتمبر أمام مقر المعتمدية، مطالبة بتفعيل الشرطة البيئية ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال.
- حملة "أوقفوا التلوث": اعتبرت ما حدث في المظيلة امتدادا لما وصفته سابقا بـ"جريمة دولة" في قابس، مؤكدة أن غياب الرقابة البيئية أصبح ممنهجا في مناطق إنتاج الفسفاط.
- شبكة العدالة البيئية: طالبت في بيان مشترك بتجميد نشاط وحدة "المظيلة 1" إلى حين إجراء تدقيق بيئي مستقل، وتوفير أجهزة قياس انبعاثات علنية في محيط المصنع.
هذه البيانات تعكس حجم القلق الشعبي والمؤسساتي، وتؤكد أن الحادثة تجاوزت الطابع المحلي لتصبح قضية وطنية تمسّ الحق في الحياة والبيئة السليمة و حادثة المظيلة ليست استثناء، بل حلقة أخرى في سلسلة من الإخلالات البيئية التي تهدد حياة المواطنين في مناطق إنتاج الفسفاط. ما لم تتحرك الدولة بجدية، فإن الغيمة السامة ستظل معلقة فوق رؤوس الأبرياء، بلا إنذار وبلا مساءلة.
بقلم أميرة عزيزي Amira azizi


