حين يعبر الثبات منطقة الخطر
- Amira AZIZI

- 1 oct.
- 2 min de lecture

في زمنٍ تتكسر فيه السفن على شواطئ التردد، ويغرق الحلم في مستنقعات الخوف، يخرج أسطول الصمود العالمي من صمته، لا كقوة عسكرية، بل كرمز أخلاقي، كتيار إنسانيٍّ عابر للقارات، يحمل على متنه وجوها لا تُنسى، وأصواتا لا تُقمع، وذاكرة لا تُمحى.
ليس هذا الأسطول مجرد تجمع ماديٍّ من سفن ومراكب، بل هو تجسيدٌ حيٌّ لفكرة المقاومة المدنية العابرة للحدود. يتكوّن من حوالي 50 سفينة صغيرة ومتوسطة، انطلقت في 1 سبتمبر 2025 من برشلونة، مرورا بـ تونس العاصمة، بنزرت، جينوا الإيطالية، ثم جنوب اليونان.
على متنه، أكثر من 1,000 مشارك فعلي من 44 دولة، بينهم فنانون عالميون مثل سوزان سراندون، ونشطاء بيئيون مثل غريتا ثونبرغ، وسياسيون من البرلمان الأوروبي، ونواب من فرنسا و إيطاليا إلى جانب فنانين تونسيين على غرار محمد أمين حمزاوي و محمد مراد و صحفيين تونسين على غرار ياسين قايدي و لطفي حجي.
لقد حملوا معهم رسالة واحدة، أن الكرامة لا تُساوَم، وأن التضامن لا يُؤجَّل.
منطقة الخطر: حيث يُختبر المعنى
مع بداية الأسبوع الاخير من سبتمبر، دخل الأسطول منطقة الخطر. لم يكن ذلك مجرد عبور جغرافيٍّ نحو مياه ممنوعة، بل كان دخولا إلى قلب المعادلة الأخلاقية العالمية.
وفي فجر 1 أكتوبر 2025، تصاعدت التهديدات بشكل غير مسبوق:
- سفينة إسرائيلية اقتربت لمسافة 5 أقدام فقط من السفينة "ألما" قائدة الأسطول، وقامت بالتشويش على أنظمة الاتصالات وتعطيلها في عدة سفن.
- أكثر من 20 طائرة مسيّرة إسرائيلية حلّقت فوق الأسطول، في استعراض مكثف للترهيب والمراقبة.
- انقطاع الاتصال المؤقت مع بعض المشاركين، ورمي الهواتف المحمولة في البحر وفق بروتوكولات أمنية.
- رصد بارجة حربية إسرائيلية ضخمة قرب موقع الأسطول، وسط توقعات ببدء محاولات الاعتراض عند مسافة 150 ميلا بحريا.
ورغم هذه المضايقات، استأنف الأسطول مساره نحو غزة، مقتربا من 120 ميلا بحريا من الشواطئ المحاصرة، في منطقة سبق أن شهدت اعتراضات وهجمات على أساطيل سابقة.
الصمود كفنّ من فنون الحياة
الصمود هنا ليس مجرد مقاومة، بل هو فنٌّ من فنون الحياة. أن تزرع وردة في أرض مهددة، أن تكتب قصيدة في وجه الرصاص، أن تعتني بجارك رغم الحصار، أن تقول "أنا هنا" حين يريد العالم أن ينفيك.
لقد حمل الأسطول على متنه أكثر من 15,000 طلب تسجيل، من أطباء، شعراء، عمّال، وأمهات، كلٌّ منهم يحمل قضية، وكلٌّ منهم يرفض أن يُختزل في صمت أو يُختنق في هامش.
الرسالة التي لا تغرق
أسطول الصمود العالمي لم يكن مجرد حدث، بل لحظة كونية تقول:
"لسنا محايدين أمام الألم"،
"لا نملك رفاهية الصمت حين يُهان الإنسان"،
"وسنبحر، حتى لو كانت المياه ملغّمة، لأن الضفة الأخرى ليست جغرافيا، بل كرامة".
بقلم أميرة عزيزي-Amira Azizi


