بقلم أميرة عزيزي --
منذ انطلاق قافلة الصمود من تونس باتجاه غزة، تباينت ردود الفعل في مصر بين الترقب الشعبي والصمت الرسمي. هذه القافلة، التي نظّمها شباب تونسيون مستقلون، لا تحمل أي توجه سياسي، ولا ترتبط بأي جهات حزبية أو إيديولوجية، على عكس ما روجته بعض المنصات الإعلامية، التي حاولت تصويرها كتحرك مرتبط بجماعات سياسية مثل الإخوان المسلمين . لكن الواقع أن هدفها الوحيد هو كسر الحصار المفروض على غزة، والضغط من أجل فتح المعبر وإدخال المساعدات الإنسانية إلى أهالي القطاع الذين يعانون أزمة خانقة.
وسط المشهد الإعلامي المتضارب، برز موقف أحمد دومة، الناشط السياسي المعروف، الذي أكّد أن التضامن مع غزة يجب أن يكون فعلًا ملموسًا، لا مجرد شعارات. دومة، الذي شارك سابقًا في تحركات لكسر الحصار، دعا إلى السماح للقافلة بالعبور عبر معبر رفح دون عراقيل، معتبرًا أن المبادرات الشعبية تمثّل الوجه الحقيقي للتضامن العربي، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة. موقفه جاء متوافقًا مع العديد من النشطاء المصريين، الذين اعتبروا القافلة خطوة جريئة يجب دعمها.
في الشارع المصري، تعددت الآراء حول القافلة بين الترحيب والتحفظ. بعض النشطاء اعتبروا القافلة انعكاسًا للتضامن العربي مع الفلسطينيين، بينما رأى آخرون أنها قد تضع القاهرة في موقف دبلوماسي معقد . الإعلام الرسمي المصري، من جهته، بدا متحفظًا، إذ وصف بعض المعلقين القافلة بأنها مزعجة سياسيا ، بينما اعتبرها آخرون محاولة لإحراج الدولة. ومع ذلك، لا يزال الدعم الشعبي لها حاضرًا، وسط مطالبات بتسهيل عبورها بدلاً من وضع العراقيل أمامها.
حتى الآن، لم تصدر الحكومة المصرية موقفًا واضحًا بشأن السماح للقافلة بالعبور عبر معبر رفح . بعض المؤشرات توحي بأن السلطات قد تلجأ إلى تعقيدات إدارية وأمنية، نظرًا للعدد الكبير من المشاركين والحساسية السياسية للحدث. لكن الضغوط الشعبية والمتابعة الإعلامية قد تكون عاملًا رئيسيًا في دفع الأمور نحو تسهيل العبور، خاصة مع التصعيد الحاصل في غزة والحاجة الملحة للمساعدات.
رغم هذه التحديات، يبقى الأمل قائمًا في أن تنسج مصر على منوال الجارة ليبيا، التي سمحت بعبور القافلة دون عراقي، إدراكًا منها لأهمية التضامن العربي مع الفلسطينيين. إن كسر الحصار عن غزة مسؤولية جماعية، لا ينبغي أن تخضع لحسابات سياسية أو مصالح ضيقة. القافلة ليست سوى خطوة ضمن مسار طويل من المبادرات الشعبية التي تؤكد أن إرادة الشعوب أقوى من القيود المفروضة عليها.
الأمل ما زال حيًا في أن تتكاتف الجهود لكسر الحصار، وأن تتحقق إرادة الشعوب في دعم القضية الفلسطينية بكل الوسائل الممكنة.