top of page

أسطول الصمود :حين تبحر الذاكرة من سيدي بوسعيد نحو الكرامة

  • Photo du rédacteur: Amira AZIZI
    Amira AZIZI
  • 8 sept.
  • 2 min de lecture
ree







في يوم مشبع بالرموز، انطلق أسطول الصمود من ميناء سيدي بوسعيد، لا كمجرد قافلة بحرية، بل كفعل مقاومة جماعي، يعيد رسم العلاقة بين البحر والهوية، بين الضياع والأمل. اختيار هذا الميناء لم يكن اعتباطيا؛ سيدي بوسعيد، المدينة التي تطل على المتوسط بأزقتها الزرقاء البيضاء، لطالما كانت فضاء للتأمل، للفن، وللحنين. أن تنطلق منها قافلة تحمل اسم "الصمود" هو بمثابة إعلان بأن الجمال لا يتناقض مع المقاومة، وأن الرمزية البصرية يمكن أن تكون سلاحا ناعما في وجه النسيان.


الأسطول الذي ضمّ 24 سفينة بحرية، شارك فيه أكثر من 130 ناشطا ومتضامنا من 44 دولة، بينهم حقوقيون، فنانون وصحفيون. وقد تجاوز الحضور الجماهيري في سيدي بوسعيد 1000 شخص، في مشهد جسّد التقاء الذاكرة الشعبية بالفعل السياسي. من بين المشاركين البارزين، سجّل حضور الصحفي ياسين القايدي ممثلا عن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الذي شدد في كلمته على أن "الصحافة ليست مجرد ناقل، بل طرف مقاوم في معركة الذاكرة والكرامة".


من بين الشخصيات العالمية المشاركة، حضرت غريتا تونبرغ، الناشطة البيئية السويدية، وماندلا مانديلا، حفيد نيلسون مانديلا، وسوزان ساراندون، الممثلة الأمريكية الحائزة على الأوسكار، إلى جانب الممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، والممثل السويدي غوستاف سكارسغارد، ورئيسة بلدية برشلونة السابقة آدا كولاو. من تونس، برزت مشاركة وسام الصغير عن الحزب الجمهوري، والنائب محمد علي، في تأكيد على أن التضامن لا يقتصر على الشعوب، بل يشمل ممثلين عن مؤسسات سياسية ومدنية.


خريطة الانطلاق: من برشلونة إلى سيدي بوسعيد


انطلقت القافلة الأساسية من ميناء برشلونة في 31 أوت، مرورا بـجنوة الإيطالية، وانضمت إليها وفود من تركيا، باكستان، إندونيسيا، جنوب إفريقيا، الجزائر، ليبيا، ودول الخليج. هذه الخريطة البحرية تعكس أن القضية الفلسطينية لم تعد محصورة بجغرافيا، بل أصبحت ضميرا عالميًا عابرا للحدود.


الرمزية البصرية: حين تتكلم الألوان


الأسطول لم يكن مجرد قوارب، بل لوحات عائمة. الأشرعة حملت رسومات لعيون مفتوحة، زيتونات، خرائط ممزقة، وأعلام فلسطينية. الألوان كانت مدروسة: الأزرق رمز البحر والضياع، الأحمر للغضب، الأبيض للأمل، والأسود للحداد. حتى الكوفية الفلسطينية ظهرت على بعض القوارب، في تداخل رمزي بين قضايا الشعوب المقهورة. هذه الرمزية البصرية لم تكن زينة، بل فعل مقاومة بصري، يصرخ في وجه التعتيم.


المضامين الإنسانية والسياسية: البحر كمنصة للكرامة


الأسطول حمل في جوهره أربعة مضامين متشابكة:


- إنسانيا: مساعدات طبية وغذائية موجهة لمستشفيات غزة التي تعاني من نقص حاد.

- حقوقيا: مطالبات بكشف مصير المفقودين وفتح تحقيقات شفافة.

- سياسيا: تحد مباشر للحصار البحري المفروض على غزة منذ أكثر من 18 عاما.

- ثقافيا ورمزيا: توظيف الرموز البصرية كأدوات مقاومة، من الكوفية إلى الزيتونة، ومن العين المفتوحة إلى الخريطة الممزقة.


السفن التي وصلت تونس حتى مساء الأحد بلغت ثلاثا، فيما يُنتظر أن تنطلق الرحلة البحرية نحو غزة يوم الأربعاء 10 سبتمبر، بعد استكمال التنسيق اللوجستي. وبينما تبحر القوارب نحو المجهول، يبقى الأسطول شاهدا على أن البحر، مهما ابتلع من أجساد، لا يستطيع ابتلاع الذاكرة.


بقلم أميرة عزيزي _ Amira azizi

صورة ياسين قايدي

bottom of page