top of page

الاتحاد العام التونسي للشغل في مرمى السلطة، فهل تخنق الحرية النقابية في تونس؟

  • Photo du rédacteur: EMIRA azizi
    EMIRA azizi
  • 25 août
  • 2 min de lecture
ree


في بيان صادر عن مكتبه التنفيذي بتاريخ 24 أوت 2025، دعى الاتحاد العام التونسي للشغل منظوريه إلى "رصّ الصفوف والتصدي للهجمة الشرسة" التي تستهدف المنظمة، في إشارة واضحة إلى تصاعد التوتر بين الاتحاد والسلطة التنفيذية. هذه الدعوة جاءت في سياق سياسي واجتماعي متأزم، حيث تتزايد الضغوط على الفاعلين المدنيين، وتُطرح تساؤلات جدية حول مستقبل الحريات النقابية في تونس.


البيان لم يكن مجرد رد فعل على حدث عابر، بل جاء تتويجا لسلسلة من التوترات التي طالت العمل النقابي، وسط تضييقات متزايدة واتهامات متبادلة بين الاتحاد والسلطة. فهل نحن أمام سياسة ممنهجة لتقويض الدور التاريخي للاتحاد؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون خلافا ظرفيا في مرحلة سياسية مضطربة؟


واقع الحريات النقابية بالأرقام


وفقا لتقرير صادر عن المرصد الوطني للحقوق الاجتماعية في تونس خلال شهر جويلية 2025، تم تسجيل 57 حالة تضييق على العمل النقابي منذ بداية السنة، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 12% مقارنة بسنة 2024. كما رُصدت 19 حالة تدخل إداري مباشر في قرارات نقابية، بزيادة قدرها 6 حالات عن العام السابق.


أما الإضرابات التي تم منعها أو تأجيلها بقرار إداري، فقد بلغت 34 حالة، وهو ارتفاع بنسبة 38% مقارنة بسنة 2024، ما يعكس تصاعدا واضحا في التدخلات التي تعيق التعبير النقابي.


من جهة أخرى، تم فتح 7 قضايا قضائية ضد قيادات نقابية خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة، وهو عدد يفوق ما تم تسجيله في نفس الفترة من العام الماضي، ويثير مخاوف من توظيف القضاء في الصراع السياسي.


وفي استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات الاجتماعية في جوان 2025، عبّر 64% من المواطنين عن ثقتهم في الاتحاد العام التونسي للشغل، مقابل 72% في السنة الماضية، ما يشير إلى تراجع ملموس في الثقة الشعبية، ربما نتيجة الحملات الإعلامية أو التوترات السياسية المتصاعدة.


هل هناك سياسة ممنهجة لتقويض الاتحاد؟


منذ بداية سنة 2025، صدرت تصريحات متكررة من مسؤولين حكوميين تصف الاتحاد بأنه "معطّل للمسار التنموي" و"غير متفاعل مع الإصلاحات الاقتصادية". هذه التصريحات، وإن بدت سياسية، تحمل في طياتها نبرة عدائية تجاه الدور التاريخي للاتحاد، وتُستخدم لتبرير التدخلات الإدارية في قراراته.


تم فتح ملفات قضائية ضد قيادات نقابية، أبرزها قضية الأمين العام المساعد المكلف بالوظيفة العمومية، بتهمة "التحريض على الفوضى والإضرار بالمصلحة العامة". هذه التهم، وفقا لمحامين مستقلين، تفتقر إلى الأساس القانوني الواضح، وتُستخدم كأداة ضغط سياسي.


في لقاءات ميدانية مع نقابيين من ولايات سوسة وقفصة وبنزرت، أكدوا أن السلطات المحلية رفضت منح تراخيص لـ 14 تجمعا نقابيا خلال الثلاثة أشهر الأخيرة، دون مبررات قانونية واضحة. أحد النقابيين قال:

"نحن نُعامل كأننا خطر أمني، لا كجزء من المجتمع المدني."


مقارنة إقليمية


في المغرب، رغم القيود، ما تزال النقابات تُمارس دورا تفاوضيا في السياسات العمومية. أما في الجزائر، فقد شهدت سنة 2025 انفراجا نسبيا في العلاقة بين النقابات والسلطة. هذا يضع النموذج التونسي في موقع تساؤل: هل نحن بصدد تراجع ممنهج للحريات النقابية؟



ما يحدث اليوم لا يمكن قراءته كخلاف عابر بين الاتحاد والسلطة، بل كجزء من إعادة تشكيل العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني. الاتحاد، الذي كان تاريخيا صمام أمان اجتماعي، يواجه اليوم تحديا وجوديا: إما أن يُعيد تموقعه كقوة تفاوضية مستقلة، أو أن يتحول إلى كيان رمزي محدود التأثير.


في ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال مفتوحا: هل تونس 2025 تسير نحو نموذج سلطوي يُقصي الفاعلين الاجتماعيين؟ أم أن الاتحاد سيعيد كتابة دوره في مرحلة سياسية مضطربة؟


أميرة عزيزي _ Amira Azizi


 
 
bottom of page