كاتبة المقال : أميرة عزيزي
تعيش تونس في خضم تحديات اقتصادية معقدة أثّرت على مختلف جوانب حياة مواطنيها. مع انتهاء الثلاثي الأول من سنة 2025، برزت قضايا اقتصادية عديدة على الساحة الوطنية تُظهر الأبعاد المتداخلة لهذه الأزمات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
الأوضاع الراهنة: نقص السلع وارتفاع الأسعار
خلال الأشهر الأخيرة، بلغ معدل التضخم 10.3%، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء التونسي، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الأساسية كالزيت بنسبة تتجاوز 15%. هذا الواقع يُلقي بظلاله بشكل خاص على الفئات ذات الدخل المحدود. كما أن تقارير محلية تشير إلى أن حوالي 30% من العائلات التونسية تعاني صعوبات في تلبية احتياجاتها الأساسية بسبب النقص في السلع المدعمة.
إلى جانب ذلك، شهدت الأسواق التونسية نقصًا في بعض المنتجات الحيوية مثل السكر والأدوية، ما أثار استياء المواطنين وزاد من الضغوط على الحكومة لإيجاد حلول عاجلة. ويعود هذا النقص إلى تعثر عمليات التوريد نتيجة مشاكل السيولة ونقص العملة الصعبة، إضافة إلى الأزمات العالمية التي أثرت على سلاسل الإمداد.
الإصلاحات الاقتصادية ومساعي التمويل الدولي
تونس تعمل جاهدة منذ بداية عام 2025 للحصول على تمويل دولي من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. في هذا الإطار، صرح وزير المالية في مؤتمر صحفي بالعاصمة تونس أمس، أن الحكومة تعمل على تسريع تطبيق خطط إصلاحية تهدف إلى تقليص العجز المالي وتحسين موارد الدولة.
تتضمن هذه الإصلاحات مراجعة نظام الدعم، تحسين منظومة الضرائب، وتشجيع الاستثمار الأجنبي. ومع ذلك، فإن بعض هذه الإجراءات، مثل تخفيف الدعم عن بعض المنتجات الأساسية، أثارت جدلًا واسعًا في الشارع التونسي لما لها من تأثير مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين.
التطلعات المستقبلية: نحو اقتصاد مستدام
في سياق البحث عن استقرار اقتصادي طويل الأمد، تم التركيز مؤخرًا على القطاعات المستدامة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة. وقد نُظّمت أمس في ولاية نابل ندوة حول إمكانيات الاستثمار في الطاقات البديلة، حيث أبدى خبراء دوليون رغبتهم في دعم المشاريع التونسية في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة لتعزيز قطاع السياحة الذي بدأ يستعيد عافيته بعد تداعيات جائحة كورونا، حيث ارتفع عدد السياح الوافدين بنسبة 12% مقارنة بالسنة الماضية. كما يتم العمل على دعم الصناعات المحلية وتحفيز الشركات الناشئة لتوفير فرص عمل جديدة.
هل تتحول الأزمة إلى فرصة؟
في الختام، كان مارس 2025 شهرًا يعكس التحديات التي تواجه تونس، لكنه أيضًا أظهر الجهود المبذولة للخروج من هذه الأزمة. وبينما يبقى الوضع الاقتصادي في تونس حساسًا، فإن النجاح في تنفيذ الإصلاحات والالتزام بخطط التنمية المستدامة قد يفتحان الطريق نحو مستقبل أكثر استقرارًا. فهل يمكن تحويل هذه الأزمة إلى نقطة انطلاق نحو اقتصاد أكثر صلابة؟ الإجابة تبقى رهينة التعاون بين جميع الأطراف الفاعلة، من حكومة، ومؤسسات اقتصادية، ومجتمع مدني، لتحقيق تحول اقتصادي حقيقي.