top of page

حريق المركب الفلاحي بتيبار : حادث عرضي ام امتداد لإشكالية متكررة

  • Photo du rédacteur: Amira AZIZI
    Amira AZIZI
  • 8 juin
  • 3 min de lecture

بقلم أميرة عزيزي --



في ليلة 7 جوان 2025، اندلع حريق هائل في المركب الفلاحي الدولي بتيبار، ولاية باجة، مما أدى إلى خسائر موجعة تمثلت في إتلاف حوالي 50 هكتارًا من المساحات المخصصة لإنتاج حبوب الإكثار. هذه الضربة القاسية للإنتاج الزراعي أثارت تساؤلات حول مدى جاهزية المنشآت الفلاحية لحماية المحاصيل الاستراتيجية من المخاطر المتكررة، سواء كانت طبيعية أو مفتعلة.


ورغم التدخل السريع لفرق الحماية المدنية وجهود الأهالي في حرث جوانب الحقول لمحاصرة النيران، إلا أن أسباب اندلاع الحريق لا تزال مجهولة، وسط غياب تصريحات رسمية تحدد ما إذا كان الحريق حادثًا عرضيًا أم أن هناك شبهة فعل مدبر. لكن هذه الحادثة ليست استثناءً، بل تأتي في سياق سلسلة من الكوارث التي أضرّت بالإنتاج الزراعي في تونس خلال السنوات الأخيرة، مما يفتح المجال أمام تساؤلات جوهرية حول مدى هشاشة المنظومة الفلاحية في مواجهة التهديدات المتكررة.

في الواقع، ليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، إذ سبقتها عدة حرائق أدت إلى خسائر مماثلة، أبرزها:

- 2 جوان 2025: حريق 15 هكتارًا من الحبوب في قبلاط، ولاية باجة، مما زاد من مخاوف الفلاحين مع اقتراب موسم الحصاد.

- 1-2 جوان 2025:ثلاث حرائق متفرقة ضربت مناطق "عين بولوين" و"مسروطة" من ولاية باجة ، لتفاقم خسائر القمح في ولاية باجة.

- 10 جوان 2019: حريق هائل في مزارع الحبوب بسليانة، خلف أضرارًا جسيمة وسط موجة حر شديدة.

- جوان 2017: حريق السد الأخضر بالقيروان، الذي أتى على مساحات واسعة من الأراضي الفلاحية، وسط تساؤلات حول فشل التدخل السريع.


وإذا كان الحديث يدور غالبًا حول الحرائق، فإن حادثة القمح الذي أكله الحمام في سبتمبر 2020 تبرز كنموذج آخر للإشكالات المتكررة التي تهدد المخزون الفلاحي. ففي تلك السنة، اختفى 30 طنًا من القمح المخزن في بلخير، قفصة وسط تفسيرات رسمية مفادها أن أسراب الحمام التهمت الكميات المخزنة بسبب ظروف تخزين غير ملائمة. هذه التصريحات لم تقنع كثيرين، بل أثارت جدلًا حول سوء إدارة الموارد الفلاحية، وإمكانية وجود شبهات فساد مالي وراء اختفاء هذه الكميات الكبيرة.


الأمن الغذائي التونسي في مواجهة تحديات متكررة

ما بين قمح أُكله الطير في المخازن وحريق أتى على حقول زراعة البذور، تواجه منظومة الأمن الغذائي في تونس تحديات كبرى ، أبرزها:

- تراجع الإنتاج الوطني بسبب الحرائق والكوارث، مما يزيد من اعتماد تونس على آل استيراد ويجعلها أكثر عرضة لتقلبات الأسواق العالمية.

- تضرر دخل الفلاحين بشكل كبير، في ظل غياب نظام تأمين زراعي فعّال يعوضهم عن الخسائر.

- هذه الكوارث تعكس إشكالية أعمق مرتبطة بسوء إدارة الموارد الزراعية، ما يستوجب رقابة مشددة على التخزين والإنتاج.


التكرار المستمر لهذه الحوادث يفتح المجال أمام فرضيات متعددة حول أسبابها، أبرزها:

- العوامل المناخية القاسية، خاصة في فترات الحرارة المرتفعة والجفاف.

- الإهمال البشري، سواء كان بسبب ضعف إجراءات السلامة أو سوء التخزين.

- تداخل المصالح الاقتصادية، حيث قد تكون بعض الحرائق أو حوادث اختفاء المخزون نتيجة صراعات خفية في القطاع الفلاحي.


إذا لا بد لتونس من اتباع استراتيجيات وقائية لتجنب الكوارث المستقبلية ففي بعض الدول، تم تبني إجراءات صارمة لمواجهة هذه الظواهر، مثل:

- إنشاء ممرات مقاومة للحرائق لمنع انتشار النيران في المناطق الفلاحية.

- توظيف أنظمة مراقبة بالأقمار الصناعية لرصد الحرائق قبل انتشارها.

- تحسين أنظمة التخزين لضمان حماية المحاصيل من التلف أو الاختفاء.

لمواجهة التحديات استوجب وضع خطوات عملية، منها:

- تعزيز أنظمة الإنذار المبكر وتحديث معدات فرق الحماية المدنية.

- إطلاق صندوق دعم للفلاحين لتعويضهم عن الأضرار الناجمة عن الحرائق أو فقدان المخزون.

- إصلاح شامل للبنية التحتية للتخزين مع اعتماد تقنيات حديثة لحماية المحاصيل.

- تعزيز الحوكمة في القطاع الفلاحي لضمان الشفافية ومكافحة الفساد في إدارة الموارد الزراعية.

bottom of page