أميرة عزيزي
منذ مساء السبت 26 جويلية 2025، انطلقت فعالية احتجاجية استثنائية أمام مقر السفارة الأمريكية بمنطقة البحيرة 2 في العاصمة تونس، تحت عنوان "حصار السفارة الأمريكية"، بدعوة من تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين
رمزية الميدان وصوت المعدة الفارغة
الساحة التي تحيط بالسفارة لم تكن مجرد موقع احتجاج، بل أصبحت فضاء رمزيا يمثّل حالة العزل والتجويع التي يعيشها الفلسطينيون.
اختيار البحيرة 2، وهي منطقة راقية ومعروفة بأنها ملاذ للبعثات الدبلوماسية والمصالح الأمريكية، كان بمثابة مواجهة مباشرة بين وجع الشعوب وصمت الحكومات.
المشاركون نصبوا الخيام، وحوّلوا المكان إلى منبر مفتوح للرفض والاحتجاج، حيث تم:
- قرع الأواني الفارغة كشكل تعبيري على المجاعة التي يشهدها قطاع غزة
- رفع صور أطفال شهداء ومفقودين
- تعليق شعارات لافتة مثل:
"الجريمة صهيونية والقذيفة أمريكية"
"غلق السفارة وطرد السفير مطلب الجماهير"
هذا الصوت، الخارج من بطون فارغة، لم يكن فقط ضد العدوان، بل ضد التواطؤ الدولي وضد كل سلطة تغض الطرف.
أهداف التحرك
الاعتصام لم يكن رمزيا فقط، بل تضمّن مطالب ملموسة أبرزها:
- غلق السفارة الأمريكية في تونس
- طرد السفير الأمريكي بيل بزي
- وقف التدريبات العسكرية المشتركة
- الضغط لفتح معبر رفح
- إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة
- الكشف عن مصير طاقم سفينة "حنظلة" المختفية، ومن بينهم الناشط التونسي حاتم العويني
خلفية إنسانية مؤلمة
منذ 7 أكتوبر 2023، يعيش قطاع غزة حربا شرسة خلّفت حتى نهاية جويلية 2025:
- 59,733 شهيدا
- 144,477 جريحا
- أكثر من 9,000 مفقود
- مجاعة أزهقت أرواح الآلاف من الأطفال
ووفقا لوزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الضحايا أكثر من 204,000 شهيد وجريح، وسط صمت دولي مريب وتجاهل لكل نداءات الإغاثة.
مشاركة دولية: النائب الفرنسي Sébastien Delogu
في موقف لافت، شارك النائب الفرنسي Sébastien Delogu عن حركة La France Insoumise في الاعتصام، وألقى كلمة مؤثرة قال فيها:
"صوت الشعوب أقوى من صمت الحكومات."
وقد سبق له أن عبّر عن تضامنه بارتداء الكوفية الفلسطينية داخل البرلمان الفرنسي، مؤكدا رفضه للدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل
عندما تُحاصر السفارة، تنكشف المواقف
اعتصام البحيرة لم يكن حدثًا عابرًا، بل لحظة فارقة في التعبير عن وجدان تونسي رافض للتواطؤ، وغاضب من الصمت الدولي تجاه الإبادة في غزة.
وسط الخيام واللافتات، قرع الأواني ليس فقط احتجاجا على التجويع، بل كان إعلانا عن وجود ضمير حيّ لا يساوم.
مشاركة النائب الفرنسي دلوقْي، ودعم عائلات ومناضلين من مختلف الخلفيات، بيّنت أن القضية لم تعد فلسطينية فقط، بل إنسانية بامتياز.
وتبقى الرسالة الأهم:
"ما دام هناك من يعتصم ويقاوم، فإن صوت الشعوب سيظل أقوى من صمت الحكومات."
تونس لم تكتف بالتضامن الرمزي، بل جعلت من شوارعها ساحة مواجهة بلا سلاح، لكن بمواقفه و بصوت لا يُقهر.