غزة بعد وقف إطلاق النار : حين يكتب الدم وثيقة النجاة
- EMIRA azizi
- 9 oct.
- 2 min de lecture

في التاسع من أكتوبر 2025، أُعلن وقف إطلاق النار في غزة، بعد عامين من حرب حوّلت القطاع إلى مرآة للخراب، وصوتا للضمير العالمي المكسور. لم يكن هذا الاتفاق مجرد وثيقة سياسية، بل كان صرخة حياة وسط الركام، واعترافا متأخرا بأن الأرواح ليست أرقاما، وأن الأطفال لا يجب أن يُولدوا تحت القصف.
الطريق الملطخ بالدم
بدأت الحرب في 7 أكتوبر 2023، إثر هجوم مفاجئ شنته كتائب القسام على مستوطنات إسرائيلية، أسفر عن مقتل أكثر من 1,200 إسرائيلي. وردّت إسرائيل بحملة عسكرية غير مسبوقة، استهدفت البنية التحتية، الأحياء السكنية، والمرافق الصحية والتعليمية. وعلى مدار عامين، تحولت غزة إلى ساحة مفتوحة للموت، وسط شلل دولي وعجز إنساني.
الاتفاق الذي أُبرم في شرم الشيخ جاء بعد مفاوضات شاقة، شاركت فيها مصر، قطر، تركيا، والولايات المتحدة. وقد نصّ على وقف شامل لإطلاق النار، تبادل الأسرى، إدخال المساعدات، وعودة النازحين، مع انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع.
الأرقام تروي ما لا يُقال
حتى لحظة وقف إطلاق النار، تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين 36,000، بينهم أكثر من 14,000 طفل و9,000 امرأة. الجرحى فاقوا 82,000، كثير منهم يعانون من إعاقات دائمة أو إصابات نفسية لا تُحصى. أكثر من 60,000 وحدة سكنية دُمّرت، وتشرد نحو 70% من سكان القطاع. انعدام الأمن الغذائي بلغ أكثر من 90%، والمياه والكهرباء أصبحتا رفاهية نادرة. أما القطاع الصحي، فقد خرجت أكثر من 25 مستشفى عن الخدمة، تاركة المرضى يواجهون الموت بصمت.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي شواهد على انهيار الحياة، وعلى صمود شعبٍ لم يُهزم رغم كل شيء.
لماذا تأخر العالم؟
تأخر وقف الحرب لم يكن صدفة، بل نتيجة لتشابك عوامل سياسية وأخلاقية. أولها الشلل الدبلوماسي، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) أكثر من مرة لمنع صدور قرار ملزم بوقف إطلاق النار. ثانيا، الانقسام الفلسطيني الداخلي أضعف الموقف التفاوضي، وسمح لإسرائيل بتوسيع هامش المناورة. ثالثا، الخطاب الأمني الإسرائيلي الذي برر القصف بأنه "دفاع عن النفس"، رغم أن أكثر من 70% من الضحايا كانوا مدنيين. وأخيرا، التطبيع العربي الذي خفّف الضغط الإقليمي، تاركا غزة في عزلة سياسية قاتلة.
الاتفاق: لحظة تنفس أم بداية جديدة؟
الاتفاق الأخير لا يُنهي المعاناة، لكنه يفتح نافذة للأمل. بنوده تشمل وقف إطلاق النار، تبادل الأسرى، إدخال المساعدات، وعودة النازحين. لكنه أيضا يضع تحديات أمام المجتمع الدولي: هل سيُراقب التنفيذ؟ هل سيُحاسب من ارتكب الجرائم؟ وهل سيُمنح الفلسطينيون حقهم في الحياة والكرامة؟
في تونس، كما في بيروت والرباط، خرجت مظاهرات شعبية تطالب بالعدالة، لا فقط بالهدنة. وفي أوروبا، نظّم أكاديميون وفنانون حملات تضامن، مؤكدين أن "الضمير لا يُقصف".
من النداء إلى الذاكرة: ماذا بعد؟
وقف الحرب ليس نهاية القصة، بل بدايتها. الآن، تبدأ مهمة إعادة الإعمار، ليس فقط للبنية التحتية، بل للروح الجماعية التي كادت تنهار. تبدأ مهمة توثيق الجرائم، وتكريم الضحايا، وبناء سردية لا تُمحى.
أميرة عزيزي-Amira Azizi


