بقلم أميرة عزيزي ---
في خطوة تعكس قوة الإرادة الشعبية وعمق الالتزام الإنساني، أعلنت "قافلة الصمود" قرارها بالعودة إلى تونس بعد أن اصطدمت بجدار الرفض المصري الذي حال دون منحها تراخيص العبور نحو قطاع غزة و بعد انت تم منعها من مواصلة الرحلة على مستوى المنطقة الشرقية للشقيقة ليبيا و تحديدا عند بوابة الدخول إلى مدينة سرت. لكن هذه العودة، كما أكد الناطق الرسمي باسم القافلة، ليست تراجعا بل وقفة مشروطة: لن نغادر إلا بعد إطلاق سراح أفراد القافلة الذين تم إيقافهم في شرق ليبيا، من بينهم تونسيون وجزائريون وليبيون .
و للتذكير، انطلقت القافلة يوم 9 جوان 2025 من شارع محمد الخامس بالعاصمة تونس، وسط حشود شعبية غفيرة وهتافات تندد بالحصار وتدعو للحرية. ضمّت القافلة أثناء انطلاق ها أكثر من 1700 مشارك من تونس والجزائر، وسلكت طريقا بريا عبر ليبيا، متجهة نحو معبر رفح و كان العدد يتزايد أكثر فأكثر مع كل مرور بالمدن الغربية الليبية يتجاوز 5000 مشارك ، في محاولة جريئة لكسر الحصار المفروض على غزة.
لكن ما بين الانطلاق والعودة، كتبت القافلة فصلا جديدا في تاريخ التضامن العربي و العالمي . فقد نجحت في تعرية العديد من الحقائق و المواقف ، وكشفت عن حجم التعقيدات السياسية والبيروقراطية التي تعيق العمل الإنساني. كما مثّلت القافلة قاطرة رمزية لقطار التحدي، وأيقظت ضمائر العالم من خلال تغطية إعلامية غير مسبوقة، جعلتها حديث كبرى وسائل الإعلام الدولية.
لم تكن "قافلة الصمود" مجرد تحرك شعبي، بل كانت حركة وعي، جسّدت نبض الشعوب في وجه الصمت الرسمي. لقد أعادت فلسطين إلى الواجهة، لا عبر الشعارات، بل عبر الأقدام التي مشت، والقلوب التي نبضت و الصعاب اللتي ذُللت ، والعيون التي دمعت على أبواب المعابر المغلقة.
وإن قررت القافلة العودة، فذلك لا يعني النهاية، بل بداية مرحلة جديدة من النضال. لقد أثبتت أن الشعوب قادرة على المبادرة، وأن التضامن لا يُقاس باللغو والحديث بل بالمواقف. قافلة الصمود لم تصل إلى غزة، لكنها وصلت إلى قلب العالم.