قضية التآمر على أمن الدولة
- Amira AZIZI

- 28 nov.
- 2 min de lecture

في 28 نوفمبر 2025، أصدرت محكمة الاستئناف بتونس أحكاما نهائية في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ البلاد: قضية "التآمر على أمن الدولة". تراوحت الأحكام بين البراءة والسجن لمدد وصلت إلى 45 عاما، ما أثار جدلا واسعًا حول العدالة، استقلالية القضاء، والسياق السياسي المحيط بالقضية.
خلفية القضية: شبكة معقدة من الاتهامات
تعود جذور القضية إلى عام 2022، حين بدأت السلطات التونسية تحقيقات موسعة في ما وصفته بـ"مخططات تهدد أمن الدولة الداخلي والخارجي". شملت التحقيقات شخصيات سياسية بارزة، أمنيين سابقين، ورجال أعمال، من بينهم كمال اللطيف، رجل الأعمال المعروف، الذي وُجهت له تهم تتعلق بـ"رئاسة شبكة للتآمر وتمويل عمليات مشبوهة وتنسيق اتصالات خارجية".
مسار المحاكمة: ثلاث جلسات استئناف وسبع ساعات من المرافعات
بعد سلسلة من الجلسات ابتدأت في 2023، أصدرت المحكمة الابتدائية أحكاما قاسية، وصلت في بعض الحالات إلى 66 سنة سجنا. غير أن محكمة الاستئناف، وبعد ثلاث جلسات مطولة، أصدرت فجر الجمعة 28 نوفمبر 2025 أحكامها النهائية، مع إدخال تعديلات على بعض الأحكام، وتبرئة ثلاثة متهمين بقرار "عدم سماع الدعوى".
تفاصيل الأحكام: تفاوت صارخ بين الموقوفين والفارين
- الموقوفون: تراوحت الأحكام بين 10 سنوات و45 سنة سجنا. من أبرزهم كمال اللطيف، الذي خُفف حكمه من 66 إلى 45 سنة.
- المتهمون بحالة سراح: صدرت في حقهم أحكام بالسجن تتراوح بين 5 سنوات و35 سنة، مع تبرئة اثنين منهم.
- المتهمون الفارون: أُبقي على الأحكام الابتدائية في حقهم (33 سنة مع النفاذ العاجل)، مع الترفيع إلى 43 سنة في بعض الحالات.
- عقوبات مالية: شملت بعض الأحكام خطايا مالية متفاوتة ومصادرة أموال مودعة في مؤسسات مالية تونسية.
أبعاد سياسية وقانونية: بين العدالة والتوظيف
أثارت القضية جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والسياسية، حيث اعتبرها البعض خطوة ضرورية لحماية الأمن القومي، بينما رأى فيها آخرون أداة لتصفية الخصوم السياسيين، خاصة في ظل غياب الشفافية حول بعض الأدلة، وتزامنها مع توترات سياسية داخلية.
منظمات حقوقية محلية ودولية طالبت بكشف تفاصيل التحقيقات، وضمان محاكمات عادلة، فيما عبّر محامو الدفاع عن قلقهم من "تسييس القضاء" و"الضغط على القضاة"، خاصة بعد التعديلات التي طالت تركيبة المجلس الأعلى للقضاء في 2022.
أسئلة معلّقة: هل أُغلقت القضية فعلا؟
رغم صدور الأحكام النهائية، تبقى القضية مفتوحة على مستويات أخرى: هل ستُنفذ الأحكام بحق الفارين؟ هل ستُفتح ملفات أخرى مرتبطة بنفس الشبكة؟ وهل ستُراجع هذه الأحكام في المستقبل في ظل تغيرات سياسية محتملة؟
قضية التآمر على أمن الدولة، بأحكامها الثقيلة وتداعياتها السياسية، تظل مرآة تعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية في تونس، وتطرح أسئلة جوهرية حول العلاقة بين الأمن، العدالة، والحريات.
بقلم أميرة عزيزي _Amira Azizi


