مهرجان المروج 2025 : إلغاء عرض يكشف هشاشة الدعم الثقافي
- Amira AZIZI

- 5 août
- 3 min de lecture

في الخامس من أوت، وبينما كانت الأنوار تستعد لتُضاء على خشبة مهرجان المروج 2025، خيّم الصمت على الساحة الثقافية: العرض المبرمج لتلك الليلة أُلغي بشكل مفاجئ.
لم يكن الإلغاء نتيجة خلل تقني أو انسحاب فنان، بل جاء نتيجة أزمة مالية صامتة، كشفت عن هشاشة البنية التحتية للتمويل الثقافي المحلي.
تصريح المدير: "لم نحصل على بقية الدعم من الولاية"
في تصريح حصري لـ"المغاربية للتحقيق"، أكد مدير مهرجان المروج السيد أنيس البقلوطي أن الأسباب الحقيقية وراء إلغاء سهرة 5 أوت مالية بحتة:
"كنا ننتظر صرف بقية الدعم من ولاية بن عروس، لكن التأخير وضعنا في موقف لا نحسد عليه. لم نعد قادرين على تغطية تكاليف العرض، فاضطررنا إلى الإلغاء."
هذا التصريح يفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات حول آليات صرف الدعم، مدى التزام الجهات الرسمية، وأثر ذلك على استمرارية الفعاليات الثقافية.
خلفيات الأزمة: هل هو خلل إداري أم غياب الإرادة؟
بحسب مدير المهرجان، فإن الدعم المخصص للمهرجان تم صرف جزء منه فقط، بينما بقي الجزء الآخر معلقا لأسباب لم تُعلن رسميا.
تساؤلات مشروعة:
- هل هناك خلل إداري في صرف المنح؟
- أم أن الثقافة لا تزال تُعامل كأولوية ثانوية في ميزانية الولاية؟
- وهل هناك تباين في المعاملة بين مهرجانات مختلفة حسب موقعها الجغرافي أو طابعها الفني؟
أصوات من خلف الكواليس: الفنانون والجمهور في مرمى الإلغاء
الفنانة وهيبة بهاء الدين، التي كان من المفترض أن تحيي السهرة، عبّرت عن خيبة أملها:
"استعددنا لأشهر، وتواصلنا مع فرق تقنية، وبدأنا الترويج. أن يُلغى العرض قبل ساعات من انطلاقه هو أمر محبط ومهين."
الجمهور أيضا لم يُخفِ غضبه. إحدى السيدات التي برمجت لحضور الحفل قالت:
"نظمنا وقتنا، وجئنا من زغوان لنحضر حفل فنانة تذكرنا بأيام الزمن الجميل وأيام صليحة. هل يُعقل أن يُلغى العرض بهذه الطريقة؟"
تساؤل أخلاقي: هل الإلغاء الانتقائي شكل من التبجيل غير العادل؟
في خضم هذه الأزمة، يبرز سؤال أخلاقي جوهري:
- ألا يُعدّ من غير العادل أن يُلغى عرض واحد من بين اربع عروض بينما تُواصل بقية العروض؟
- ما ذنب الفنان الذي استُبعد، والفرقة التي رافقته، والجمهور الذي اختار تلك الليلة تحديدا؟
- هل أصبحت بعض العروض أكثر "قيمة" من غيرها؟ وهل يُقاس الإبداع بميزان الربح والخسارة؟
مصير بقية العروض: بين الترقب والتخمين
حتى لحظة كتابة هذا المقال ، لم تصدر إدارة المهرجان بيانا رسميا بشأن مصير باقي السهرات.
الأسئلة المطروحة:
- هل سيتم تسوية الوضع المالي واستئناف العروض؟
- أم أن الإلغاء سيطال ليال أخرى، في ظل غياب ضمانات واضحة؟
القلق يخيّم على الفرق الفنية، والجمهور، في انتظار ما ستقرره الجهات المعنية.
ما وراء الحدث: الثقافة بين الاحتفاء والموسمية
إلغاء سهرة واحدة قد يبدو تفصيلا، لكنه في السياق الثقافي التونسي يعكس أزمة أعمق:
- هل الثقافة تُعامل كرافعة مجتمعية، أم كواجهة موسمية؟
- هل هناك إرادة حقيقية لدعم الفنون، أم أن الأمر لا يتجاوز التصريحات الرسمية؟
حين يُلغى العرض، لا يُلغى السؤال
مهرجان المروج 2025 كان فرصة للاحتفاء و الطرب ، لكنه تحوّل إلى مرآة تعكس هشاشة الدعم، غياب التخطيط، وتفاوت المعايير.
الإلغاء لا يجب أن يُمرّ مرور الكرام، بل يجب أن يكون بداية نقاش جاد حول مستقبل الثقافة في تونس، وآليات تمويلها، وعدالة توزيعها.
لكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحا:
ألا يُعدّ من غير المنصف أن يُلغى عرض فني بسبب نقص التمويل، بينما تُقام عروض أخرى في نفس المهرجان؟
هل هناك معايير خفية تُحدد من يستحق الدعم ومن يُستثنى؟
وهل أصبح الدعم الثقافي يُوزّع وفق اعتبارات غير فنية، تُقصي البعض وتُبجّل آخرين؟
تبعات هذا القرار لا تقتصر على ليلة واحدة، بل تمتد لتطال ثقة الفنانين، حماسة الجمهور، ومصداقية المؤسسات الثقافية.
فحين يُلغى عرض ، يُلغى معه جزء من الحلم، ويُزرع الشك في عدالة المشهد الثقافي برمّته.
أميرة عزيزي-Amira Azizi


