top of page

نور الدين بوطار.،حين ينصف القضاء صوتا إعلاميا في زمن الشك

  • Photo du rédacteur: EMIRA azizi
    EMIRA azizi
  • 28 nov.
  • 2 min de lecture
ree


في مشهد قضائي مشحون بالدلالات، أصدرت محكمة الاستئناف بتونس بتاريخ 28 نوفمبر 2025 حكما نهائيا بعدم سماع الدعوى في حق نور الدين بوطار، مدير إذاعة موزاييك أف أم، في ما عرف إعلاميا بقضية التآمر على أمن الدولة.


هذا الحكم، الذي جاء بعد إدانة ابتدائية بالسجن لعشر سنوات، لم يكن مجرد قرار قضائي، بل لحظة فارقة في علاقة الإعلام بالسلطة، وفي اختبار استقلالية القضاء في مناخ سياسي متقلب. فبوطار، الذي ظل طليق السراح طيلة فترة المحاكمة، لم يتوقف عن أداء مهامه الإعلامية، متحديا مناخا من الشك والضغوط، ومتمسكا بحقه في التعبير وفي محاكمة عادلة.


في القاموس القانوني التونسي، يعد الحكم بعدم سماع الدعوى بمثابة تبرئة صريحة، تعني أن المحكمة لم تجد ما يكفي من الأدلة لإدانة المتهم. لكن في هذه القضية بالذات، لا يمكن قراءة الحكم بمعزل عن السياق السياسي والإعلامي الذي أحاط بها.


هل كانت التهم الموجهة لبوطار مبنية على معطيات قانونية صلبة، أم أنها وظفت لتأديب صوت إعلامي حر؟

هل كان الهدف إسكات منبر إعلامي مؤثر، أم أن الأمر يتعلق فعلا بشبهات أمنية؟

وهل يعكس الحكم النهائي تراجعا عن ضغوط سياسية، أم هو انتصار لسلطة القضاء المستقل؟


منذ تأسيسها، شكلت إذاعة موزاييك أف أم ظاهرة إعلامية في تونس. بفضل تغطيتها الشاملة وخطها التحريري المستقل، تحولت إلى منبر رئيسي للرأي العام، ومتنفس للجدل السياسي والاجتماعي. لكن هذا الحضور القوي لم يكن دائما محل ترحيب من قبل السلطة، خاصة في فترات الأزمات السياسية أو الاحتجاجات الشعبية.


نور الدين بوطار، بصفته مديرا عاما للإذاعة، كان في قلب هذه المعادلة. فبين الدفاع عن حرية التعبير، والضغط المتزايد من بعض الدوائر الرسمية، وجد نفسه في مرمى نيران اتهامات خطيرة، بلغت حد التآمر على أمن الدولة. وهي تهمة ثقيلة، غالبا ما تستخدم في الأنظمة السلطوية لتكميم الأفواه وتبرير التضييق على الصحافة.


تبرئة بوطار تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول موقع الإعلام في تونس ما بعد الثورة. فبين النصوص الدستورية التي تكرس حرية التعبير، والممارسات التي تعيد إنتاج منطق الرقابة، يعيش الصحفي التونسي في منطقة رمادية، حيث يمكن أن يتحول من ناقل للخبر إلى متهم في لحظة.


ما الذي يعنيه أن يحاكم مدير وسيلة إعلامية بتهم أمنية؟

كيف يمكن تحصين الصحفيين من التوظيف السياسي للقضاء؟

وهل تكفي البراءة القضائية لإعادة الاعتبار، أم أن الأثر الرمزي للتهمة يظل قائما؟


الحكم بعدم سماع الدعوى لا ينهي فقط فصلا قضائيا، بل يضع الجميع أمام مسؤوليات جديدة:

على الدولة أن تراجع آليات تعاملها مع الإعلام، وأن تضمن بيئة آمنة للصحفيين.

على القضاء أن يواصل ترسيخ استقلاليته، بعيدا عن التجاذبات السياسية.

وعلى الإعلاميين أن يتمسكوا بأخلاقيات المهنة، دون خوف أو خضوع.


تبرئة نور الدين بوطار ليست فقط انتصارا قانونيا، بل لحظة رمزية تعيد الاعتبار لدور الإعلام في حماية الديمقراطية، وتذكر بأن الكلمة الحرة، وإن تعثرت، لا تهزم.


بقلم أميرة عزيزي _Amira Azizi

bottom of page